قال: لئن تمذهبتُ فلعلِّي أن

قال: لئن تمذهبتُ فلعلِّي أن أكون كفلانٍ من الناس هنا.. كان مسدِّدًا مقارِبًا فضلَّ عن سواء السبيل؛ قلت: لا يُزهِّدنَّك في التمذهب الذي هو سبيل متفقِّهة الإسلام قاطبةً مثلُ هذا المجنون المفتون، زاده الله -بدورانه حول نفسه دورانَ الحُكم على العلة- فتنةً وجنونًا. ثم إنه لم يُضلَّه عن سواء السبيل تمذهبه فقد كان أيام ستر ربك الجميل كذلك؛ لكن الله إذا هان عليه عبدٌ شغله بنفسه، فإذا عظُم هوانه عليه هوَّن عليه الإسلام فتعلَّل به لعِلله، ودونك -إن تكُ صادقَ الهم سامقَ الهمة- فلانًا وفلانًا من الحنفية، وأمثالهما من المالكية، وأشباههما من الشافعية، ونظراءهما من الحنابلة، ممن بسط الرب الأكرم لهم في العلم والأدب جميعًا، فأحسنوا به في الإسلام وفي أهله صنيعًا، سلفيين -يُعلِّمونك الفقه- أو أشعريين؛ فإن الفتنة ليست في التمشعر مجرَّدًا وإن كان أهله به على بدَعٍ عظيمةٍ، ولم يزل من الأشاعرة أئمةٌ يهدون بالحق في أبوابٍ من الإسلام وفيرةٍ وبه يعدلون؛ إنما الفتنة أن يطمس الله بصيرة إنسانٍ وبصره فيرى طائفةً من المسلمين أهل السنة أعداءً له يجاهدهم الليل والنهار، ويُفني نفسه وأنفاسه في تصريف عداوة المؤمنين وبغضائهم لهم. واغوثاه رباه؛ لا تشغلنا بأنفسنا بآثامٍ استحققنا بها ذلك حتى نلقاك في المرحومين، وأعذنا أن نُلبس أسقام قلوبنا الدميمة أثواب الإسلام البهية فنذل ونخزى؛ لا إله إلا أنت البر الرحيم.

أضف تعليق